بقلم الخبير السياحي د. معتز صدقي
تعد ظاهرة مضايقة السياح في شوارع القاهرة مشكلة متنامية تؤثر سلبًا على تجربة الزوار وصورة مصر السياحية. يلاحظ السياح، خاصة القادمون من الدول العربية، تعرضهم للمضايقات أثناء تجولهم في مناطق وسط المدينة الشهيرة مثل الزمالك ومحيط الفنادق الكبرى.
إن انتشار ظاهرة التسول، حيث يلاحق الأطفال والبالغون السياح طلبًا للمال، وتجمع مجموعات من المتسولين عند تقاطعات الطرق بانتظار السيارات الفارهة، يستهدف الأشخاص الذين يبدو عليهم مظهر السائح، سواء كانوا من العرب أو الأجانب المقيمين.
هذه الظاهرة تؤثر سلبًا على تجربة السياح وقد تدفعهم لعدم تكرار الزيارة. كما أنها تشوه صورة مصر كوجهة سياحية آمنة وودودة، وتعكس مشكلات اجتماعية واقتصادية أعمق تحتاج لمعالجة. والسؤال هنا: لماذا لا يتم تكثيف الرقابة الأمنية في المناطق السياحية؟ أو حتى تنفيذ برامج اجتماعية لمعالجة أسباب التسول؟ كما يجب توعية المواطنين بأهمية احترام السياح وعدم مضايقتهم.
هل فعلاً هناك تطوير برامج لدعم الأسر المحتاجة وتوفير فرص عمل بديلة؟
نرجو من يهمه الأمر معالجة هذه الظاهرة حيث إنها ستساهم في تحسين تجربة السياح وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية جذابة وآمنة
في ما يلي
دروس من تجارب ناجحة
كيف تغلبت الدول السياحية على ظاهرة التسول ومضايقة السياح
تعد السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية في العديد من دول العالم، حيث تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص العمل. وفقًا لمنظمة السياحة العالمية، شكلت السياحة 10.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2023، ووفرت واحدة من كل عشر وظائف حول العالم. هذه الأرقام تبرز الدور الحيوي الذي تلعبه السياحة في تحريك عجلة الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية.
غير أن ظاهرة التسول في المناطق السياحية تشكل تهديدًا خطيرًا لهذا القطاع الحيوي. فعندما يتعرض السائح للمضايقات المتكررة من المتسولين، تتأثر تجربته السياحية بشكل سلبي، مما قد يدفعه إلى تكوين انطباع سيئ عن الوجهة السياحية بأكملها. وفي دراسة حديثة، أشار 68% من السياح إلى أنهم يأخذون في الاعتبار مدى انتشار ظاهرة التسول عند اختيار وجهتهم السياحية القادمة.
إن التأثير السلبي للتسول لا يقتصر على تجربة السائح الفردية فحسب، بل يمتد ليشمل سمعة الوجهة السياحية ككل. فقد وجدت إحدى الدراسات أن 40% من السياح الذين تعرضوا لمضايقات من المتسولين أبدوا عدم رغبتهم في العودة إلى نفس الوجهة السياحية مرة أخرى. هذا الأمر يترجم مباشرة إلى خسائر اقتصادية فادحة، حيث تشير التقديرات إلى أن الدول التي تعاني من مشكلة التسول في مناطقها السياحية تخسر ما يقارب 5-7% من إيراداتها السياحية السنوية.
لذا، فإن معالجة ظاهرة التسول في المناطق السياحية ليست مجرد مسألة تحسين المظهر العام فحسب، بل هي ضرورة اقتصادية ملحة. فالحفاظ على تجربة سياحية إيجابية وآمنة يعني ضمان استدامة هذا المورد الاقتصادي الهام، وبالتالي حماية مصدر دخل رئيسي للعديد من الدول والمجتمعات المحلية.
تعد تجربة تايلاند في معالجة ظاهرة التسول نموذجًا ناجحًا يستحق الدراسة. فقد نجحت الحكومة التايلاندية في تخفيض نسبة الشكاوى المتعلقة بالتسول في المناطق السياحية بنسبة 60% بين عامي 2020 و2024 من خلال تطبيق برنامج شامل لمكافحة التسول.
يتميز البرنامج التايلاندي بتركيزه على إعادة التأهيل والتدريب المهني بدلاً من الاعتماد فقط على الإجراءات العقابية. وتشمل أهم عناصر البرنامج:
أنشأت الحكومة التايلاندية مراكز متخصصة لإعادة تأهيل المتسولين، توفر لهم السكن المؤقت والرعاية الصحية والنفسية.
يتم تقديم دورات تدريبية في مجالات متنوعة مثل الحرف اليدوية، والطهي، والسياحة، والزراعة، بما يتناسب مع قدرات كل فرد واحتياجات سوق العمل المحلي.
كما قامت تايلاند بتوفير فرص تعليمية للمتسولين الأميين أو محدودي التعليم لتحسين فرصهم في الحصول على عمل.
مع تقديم مساعدات مالية مؤقتة للمتسولين الذين يلتزمون بحضور برامج التدريب وإعادة التأهيل.
وبالطبع كان هناك التعاون مع الشركات المحلية لتوفير فرص عمل للمتدربين بعد إتمامهم للبرنامج.
كما تم توفير خدمات المتابعة والإرشاد لمدة عام بعد التوظيف لضمان استمرارية النجاح.
وكان هناك تنظيم حملات لتوعية السياح والمجتمع المحلي بأهمية عدم تشجيع التسول وكيفية المساهمة في حل المشكلة بطرق بناءة.
نتيجة لهذه الجهود، نجحت تايلاند في إعادة دمج آلاف المتسولين في المجتمع كأفراد منتجين، مما أدى إلى تحسين صورة المناطق السياحية وزيادة رضا السياح. كما ساهم البرنامج في تخفيف العبء عن نظام الرعاية الاجتماعية على المدى الطويل.
تعتبر التجربة التايلاندية مثالاً يحتذى به في معالجة مشكلة التسول بطريقة إنسانية وفعالة، مع التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة بدلاً من مجرد معالجة أعراضها.
ولكن بالنظر لاسبانيا علي سبيل المثال نجد ان الحكومه قامت بتشديد القوانين وزيادة الغرامات على التسول في المناطق السياحية.
اما في سنغافورة فقد كان هناك نهج شامل يجمع بين الردع والمساعدة الاجتماعية.
ان اهم الاستراتيجيات الناجحة لمحاربة هذه الظاهرة هو تطبيق القوانين بصرامة مع توفير بدائل للمتسولين.
ووجود برامج توعية للسياح حول كيفية التعامل مع المتسولين وبالطبع تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لمساعدة الفئات الأكثر ضعفًا.
وبالطبع كان هناك تحديات
مثل صعوبة التوفيق بين الحزم في تطبيق القانون والتعاطف مع الحالات الإنسانية.
و الحاجة إلى موارد مالية وبشرية كبيرة لتنفيذ البرامج الشاملة.
يجب علي الخبراء وضع نهج متكامل يستطيع الوصول للاسباب الجذرية للتسول.
مع ضرورة التعاون بين مختلف الجهات الحكومية والمجتمع المدني.
وايضا أهمية المتابعة المستمرة وتقييم فعالية البرامج المنفذة.
وفقًا لتقرير منظمة السياحة العالمية لعام 2023، تشير التقديرات إلى أن حوالي 15-20% من السياح في المدن الكبرى يتعرضون لمضايقات من المتسولين خلال رحلاتهم.
في بعض المدن السياحية الشهيرة مثل روما وباريس، ارتفعت نسبة الشكاوى المتعلقة بالتسول بنحو 30% خلال السنوات الخمس الماضية.
تشير دراسة أجرتها جامعة هارفارد في عام 2022 إلى أن الدول التي تعاني من مشكلة التسول في مناطقها السياحية تخسر ما يقارب 5-7% من إيراداتها السياحية السنوية.
في مصر، على سبيل المثال، قدرت وزارة السياحة في تقرير لها عام 2023 أن ظاهرة التسول تكلف الاقتصاد المصري ما يقارب 500 مليون دولار سنويًا في قطاع السياحة.
استطلاع رأي أجرته شركة Expedia عام 2024 أظهر أن 68% من السياح يأخذون في الاعتبار مدى انتشار ظاهرة التسول عند اختيار وجهتهم السياحية القادمة.
– وجدت دراسة لمعهد السياحة الدولي أن 40% من السياح الذين تعرضوا لمضايقات من المتسولين أبدوا عدم رغبتهم في العودة إلى نفس الوجهة السياحية مرة أخرى.
في تايلاند، انخفضت نسبة الشكاوى المتعلقة بالتسول في المناطق السياحية بنسبة 60% بين عامي 2020 و2024 بعد تطبيق برنامج شامل لمكافحة التسول.
في إسبانيا، أدى تشديد القوانين في مدينة برشلونة إلى انخفاض عدد المتسولين في المناطق السياحية بنسبة 45% خلال عام 2023.
تقدر منظمة العمل الدولية أن حوالي 30% من المتسولين في المناطق السياحية هم من الأطفال، مما يشكل تحديًا اجتماعيًا وأخلاقيًا كبيرًا.
دراسة أجرتها الأمم المتحدة في عام 2023 وجدت أن 70% من المتسولين في المناطق السياحية يعانون من الفقر المدقع وعدم وجود فرص عمل بديلة.
تعليقك على فيس بوك
أنشر تعليقك مباشرة على فيس بوك