قصة قصيرة لـ: عمرو صالح
كان حكيم القرية جالسا بجانب كوخه الصغير .. وكلما مر عليه أحدا ، أعطاه ثمرة من ثمار الفاكهة التى بجانبه. وكان يقول له قبل أن يغادر: أستغل جيدا هذه الفرصة.. فربما لن تأتى إليك ثانية..
ولم يكن الناس يفهمون ما يقصده حكيم القرية من هذه العبارة ، التى يقولها دوما لكل من يمر عليه ، ويأخذ منه ثمرة فاكهة..
وكان هناك فتيان كانا دائما لا يفترقان عن بعضهما.. وكانا يسمعان ما يقوله الناس عن حكيم القرية .. فقررا أن يتوجها اليه ويعرفان حكايته..
وفى صباح اليوم التالى، كان الفتيان بجوار الحكيم، الذى رحب بهما ، وأعطى كل منهما حبة ثمر .. وقال للفتى الأول
_ ما فى يدك فرصة ثمينة يجب أن تستغلها.. فربما لن تعود اليك ثانية..
وقال للفتى الثانى مثل ما قال للأول..
ومضى الفتيان من عنده.. وفى الطريق كان الفتى الأول ينوى العمل فى منجم للذهب.. والطريق طويلة وشاقة.. لذا فقد وضع الثمرة فى جرابه لكى يأكلها فى وقت لاحق.
وكان الفتى الثانى ، مشغولا باللهو فى الصحراء وإصطياد الغزلان.. فهم بأكل الثمرة التى فى يده ورمى ما بقى منها فى جوف الجبل، وذهب يكمل رحلته..
وكان الفتى الأول قد شعر بالجوع ، فأخرج الثمرة من جرابه. وأكلها ، ثم تذكر ما قاله الحكيم.. وقال فى نفسه: ماذا كان يقصد بمقولته تلك.. وأخيرا هداه تفكيره أن يزرع البذور التى بداخل الثمرة ويسقيها بالماء.. وقام بالفعل بغرسها ورشها بالماء وذهب للعمل..
وكان زميله الذى ذهب للعب واللهو ، قد شعر بالتعب ، والعطش فبحث عن مصدرا للمياه فلم يجد..
وكان الليل قد أقبل ،فإختبأ بجوار صخرة كبيرة حتى الصباح وهو يرتجف من الخوف ، وأشرف على الهلاك ..
أما الفتى الأول فلم يوفق فى العمل ، فعاد من نفس الطريق الذى سار فيه.. وكان قد بلغ منه الجوع والعطش مبلغه.. وكان ما معه من زاد قد نفذ.. فأحس بأنه ربما يعانى من رحلته هذه.. ولكنه لمح من بعيد شجرة مثمرة بقلب الصحراء .. فجرى نحوها مسرعا، فوجدها من نفس نوع الثمرة التى أعطاها له الحكيم.. وتعجب الفتى.وقال
_ هذا غريب حقا.. أنه نفس الطريق الذى سرت منه ولم يكن هناك شجرة .. وهو نفس المكان الذى ألقيت فيه البذور وسقيتها .. هل يمكن أن تنبت شجرة مثمرة فى هذا الوقت القصير؟!..
وأكل الفتى من الثمار الكثيرة، وبعد ذلك عاد لقريته
وقابله الحكيم قائلا: كيف حال رحلتك؟..
قال الفتى: لم أوفق فى العمل.. لكن أحمد الله أن عدت سالما..
فقال الحكيم: كيف؟..
رد الفتى: وجدت فى طريق عودتى شجرة مثمرة أكلت منها عندما كنت على وشك أن أهلك من الجوع والعطش..لكن هناك أمرا غريبا حدث. لقد قمت بزراعة بذور الثمرة التى أعطيتها لى.. وسقيتها بالماء.. وكانت الشجرة فى نفس المكان..
تبسم الحكيم وقال: هذا نتيجة عملك.. فقد قمت بإستغلال الفرصة التى أتيحت لك.. وها هى قد نفعتك فى أشد الأوقات صعوبة.. عكس زميلك الذى لاقى أنواع الشقاء فى رحلته، لأنه أهمل النصيحة ولم يستغل كل فرصة تتاح له .
تمت
تعليقك على فيس بوك
أنشر تعليقك مباشرة على فيس بوك