سمير باكير/ يكتب
في خضم الصمت الدولي المريب والتخاذل العربي حيال الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في غزة، تظهر إيرلندا كمثال حي على شجاعة المواقف السياسية وأخلاقيات القيادة. تصريحات رئيس الوزراء الإيرلندي، سايمون هاريس، الأخيرة ليست مجرد كلمات، بل هي تعبير عن رفض واضح للظلم والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.
انتقاد شجاع للجرائم الصهيونية
أكد هاريس أن إيرلندا لن تتوقف عن انتقاد الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين في غزة. هذه التصريحات تأتي في وقت تستخدم فيه إسرائيل كل الوسائل لإسكات الأصوات المعارضة، لكنها فشلت أمام الموقف الصلب لإيرلندا. هاريس شدد على أن بلاده لن تسمح بأن يتم تكميم صوتها تحت أي ضغط.
الدبلوماسية المنحرفة لإسرائيل
وصف هاريس قرار إسرائيل بإغلاق سفارتها في دبلن بأنه محاولة “لإلهاء الرأي العام” عن الجرائم الحقيقية التي تُرتكب في غزة. هذا القرار يعكس محاولة الاحتلال لتجنب الانتقادات المتزايدة ضد ممارساته الوحشية، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الدولية لمحاسبته.
إدانة الجرائم الإنسانية في غزة
ما يميز تصريحات هاريس هو تسليطه الضوء على المأساة الإنسانية في غزة. أشار بوضوح إلى أن الكارثة الحقيقية تكمن في قتل الأطفال، واستهداف المدنيين، وتجويع السكان، ومنع وصول المساعدات الإنسانية. في وقت يصمت فيه كثيرون عن هذه الجرائم، تجرأ هاريس على تسمية الأشياء بمسمياتها.
انتقاد الازدواجية الدولية
طرح هاريس تساؤلاً هاماً: لماذا التركيز على موقف إيرلندا بينما يتم تجاهل الجرائم الإسرائيلية؟ انتقاده كان موجهاً نحو ازدواجية المعايير الدولية، حيث يتم استهداف الدول التي تنتقد إسرائيل بينما يتم التغاضي عن أفعال الاحتلال الوحشية.
خطوة قضائية جريئة
أظهرت إيرلندا التزامها الحقيقي بالعدالة الدولية من خلال الانضمام إلى القضية المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. هذه الخطوة تعكس التزام إيرلندا بالدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الشعب الفلسطيني.
رسالة إلى العالم العربي
مواقف إيرلندا الشجاعة تطرح سؤالاً محرجاً للدول العربية: أين أنتم من هذا؟ لماذا لا يُسمع صوتكم في الدفاع عن الأطفال الأبرياء في غزة؟ إذا كانت إيرلندا، الدولة الأوروبية الصغيرة، تستطيع الوقوف في وجه الاحتلال، فما هو عذر الدول العربية؟
إيرلندا، من خلال مواقفها وتصريحات رئيس وزرائها، تثبت أن صوت الحق لا يمكن إسكاته. إنها تقدم نموذجاً للقيادة الجريئة التي تضع العدالة فوق المصالح السياسية الضيقة. العالم بحاجة إلى المزيد من الدول التي تجرؤ على قول الحقيقة، بينما غزة تنزف وتنتظر العدالة.